تساؤل طفولي
في صغري كنت أتساءل دوماً مالذي يجعل سوبر مان أو باتمان وغيرهم يضطرون دوماً لتغيير ملابسهم لكي يقوموا بالطيران أو ينقذوا الآخرين، حتى أن سوبر مان يضطر للبحث عن مكان ليغير فيه ثيابه أثناء حدوث المصيبة، الثياب إذاً أمر جوهري، وسبب أساسي لقوته.
النبوءة اليوم
أدخل إلى أحد محلات الكومبيوتر المزدحمة بالزبائن، أنتظر أن يفضي اندماجي بكتلة الازدحام أمام الطاولة إلى الوصول لمن أسأله طلبي، لم يكن هذا ما جرى، بمجرد أن ألقيت السلام وأنا غلق باب المحل ، ترك البائع كل من أمامه وكل ما يقولونه ونظر إلي متجمداً.
– “تفضل !”
– “أريد كبل كهرباء لحاسب”
– “تفضل، خمسين ليرة”
– “شكراً”
أصل الحكاية
كغالبية من يقرأون هذه التدوينة، أعيش نهاري بالعمل بالثياب العادية ، حتى كامل حياتي كذلك، جينز، قميص أبيض وحذاء رياضي، في العمل ، في الزيارات والرحلات وكل ماهو مشابه.
أحتفظ ببعض الثياب الرسمية في الخزانة للمناسبات التي تحمل هذا الطابع، أشعر بالغرابة عندما أنظر لنفسي بالمرآة أرتديها .. وكذلك عندما ينظر إلي من يعرفني ويعرف كيف أكون، قد تنتهي التعليقات بعد دقائق وتتركني بارتباكي مع بدلتي الرسمية.
أول مرة أصطدم فيها مع واقع قوة البدلة عندما اضطررت لفصل زيارتي إلى معرض التكنولوجيا إلى يومين متتاليين بسبب حاجتي لذلك وقتها، فكانيومي الأول بالبدلة الرسمية، كنت مرتاحاً ، وكان جميع مندوبي الاجنحة يتجاوبون معي بسرعة حصلت على الكثير مما كنت أسعى للحصول عليه وقتها.
في يومي الثاني ذهبت من العمل وكنت بثيابي العادية، يومها فقط عرفت معنى أن يرتدي أحدنا بدلة رسمية، غالب من أتحدث إليهم وسط الزحام من مندوبي الأجنحة كان على عكس الأمس ، يجيبني وهو يتحدث لاثنين معي بنفس الوقت .. وبعضهم كان يبحث عن أقصر جواب يجده لينهي الحديث ..
من حينها وأنا أتابع ردود أفعال الآخرين وأقرأ تصرفاتهم في الحالتين، ووجدت أنها تؤثر كثيراً على الطريقة التي يتفاعل بها الآخر معي.
مجرد رؤيتنا لشخص ببدلة يجعلنا نحمل ماكرو كود خاص جداً في رأسنا ونتعامل معه منه، نكون أكثر هدوءاً وتركيزاً وتفاعلاً معه وحديثه.
.. هذا الرداء (البدلة الرسمية) لا يقل فاعلية عن رداء سوبر مان واخوته.