Archive for the ‘أدبيات’ Category

رسالة الطفران 2

فيفري 22, 2013

 

fails

كل ما في هذا المكان المسمى بلد أصبح مبتدأ مرفوعاً لـ “صار”.. أو في محل نصب لخبر “كان”

تفجير

في لحظة تبدأ بعد ثانيتين من الإنفجار وتنتهي عند بعض الناس بعد 60 ثانية ، وبعضهم أكثر قليلاً ، والأكثر ممن يبقون بالحالة التي تخلقها الثواني الأولى،(وأتحدث هنا عمن كانوا في موقع التفجير وظلوا على قيد الحياة)،هؤلاء تبدأ عندهم ولادة تقسم حياتهم زمناً لقسمين، وتفتح غرف روحهم على بعضها ويتجالس الوحش مع العاهرة مع القديس مع الانسان ويسكت الجميع، يتفاجأون لكن بصمت ويقرأون أعينهم. وبلحظة بعيدة أو قريبة يقرر الكل أن يتسلق جدارها بمحاولة دفع الآخر للأسفل ليصنعوا منه مسنداً يمكنهم من الامساك بحافة جدار الروح فيخرجون لغبارها، وقتها ليس الأقوى سيخرج بل أكثرهم حاجة لذلك.
عند الأطفال ستهدم هذه الغرف على من فيها

منحوتة

عندما ينجز نحات ما عملاً في ظلام دامس ويستعين في انجاز كل طرقة بالمرأى المنطبع لديه من ضوء الشرر المتطاير على الجزء اليسير حيث يطرق سينتهي إلى منحوتة يقرأ فيها من يتحسسها _في ذات المكان المعتم_ غاية ذاك النحات في جسد المنحوتة ولن يدركها … والمهين يكمن في فعل أولئك ممن يضيؤن عليها.. ستخرج إليهم كمسخ

للجنس مكان

رعد.. برق .. مطر .. وحل .. ليل ..حب ..  قمر .. بحر .. غيم وغيرها ، كل هذه الكلمات نشير لها بضمير "هو" باستثناء بعض الألفاظ مثل لفظة حرب رغم تخلصها من لعنة التاء المربوطة تبقى هي الحرب عند بني مكانها ولسانها .. حتى في الكلمات هناك مكان

حوار

– "أنت لم تعطني وقتاً كبقية الضيوف ، ومن الواضح بالنظر لتوجهات ضيوفك الآخرين أنك منحاز لموقفهم مما يجري، الأمر الذي يجعل مداخلتي هنا صعبة التقديم، كذلك أتمنى ألا يقاطعني أحد ، وخصوصاً ذاك الجرذ العلماني"

– "طيب تفضل"

– "كل ما تم ذكره آنفاً هو تضليل وخطأ وعار عن الصحة وعار على الصحة ويفتقر للواقعية والموضوعية”

– “أكمل”

– “انتهيت…”

وأعلنت الأصابع الصغيرة والجعدة والأنيقة والمزينة والغليظة ، السمراء والبيضاء ، الناعمة والخشنة يتيمة الأجساد .. منطقة آمنة

 

دعني أبكي زمني الرديء واتنهد للحرية .. علّ الأسى يحطم سلاسل عنائي أسفاً

رسالة الطفران

أكتوبر 3, 2012

 

تزلج على منحدرات القمامة

صوت خشن فيه بعض التعب في المقعد الخلفي جداً:
– ”لا أفهم كيف يفكرون ، لم أعد أطيقهم ولا أطيق أن أسمع، أقرأ أو أرى أياً مما يخرج منهم”

– “…”

– “حتى لو كان بعضنا تافه لدرجة ارتكاب أخطاء ، لا يمكن أن يسقط هذا علينا جميعاً هم لا يشكلون شيئاً منا، قد يكون لأخطائهم مايبررها بنظرهم ، حتى بهكذا حالة ، يجب أن يفهموا أنهم يلطخون موقفاً جمعياً، يجب أن يفهم (الآخرون) أن بعض من يحسبون علينا يعبرون عن انفسهم وانفسهم فقط”

– “…”

– “الحق على من مثلنا على من يحمل فكراً أصيلاً من موقفنا من الكارثة، يجب أن ننبذ هؤلاء منا رغم أن تصرفاً كهذا سيضعفنا ويشتتنا ربما، لكن هو أمر حتمي، يجب أن نخرج ما يضعنا بموضع متهمين فنضالنا هنا لغاية سامية، لا أتحمل مجرد التفكير بوجودهم بيننا”

– “….”

– “بعض أهالي الحي وبرودهم تجاه واجباتهم في ما نحن فيه وضعنا في عنق الزجاجة، هم من يدخل غرباء إلى الحي ويتواصلون معهم، تافهون ..!! أنبق مكتوفي الأيدي؟ دواهم بالعين الحمرا سيأتي يوم ويدفعون ثمن عيشهم في النكران”

– “…”

– “أخي الأكبر سيصيبني بالجنون ، لم أعد أعرفه، منذ شجارنا حول الأحداث لم أتحدث إليه أو أزره …حتى أنت، ما بالك وكأني أتحدث لنفسي؟ دعك من مثالياتك لن تأتيك بخبزك ، سيأتي يوم تقول فيه وتندم فيه”

– “نزلنا ع اليمين معلم… بشوفك”

شق شاب طريقه خارجاً ، دفعني فضولي لأنظر للخلف، لم يكن هناك أحد في المقعد، مكبر صوت تالف يحشرج بصوت نجاة “إن له في بلاده حباب…”

Occupy عين الكرش

اليوم الأول:
على المداخل والمخارج ليحموا الحي ، قفلوه ولن يدخله (الآخرون)

اليوم الثاني:
”سمعتوا القصف والرصاص؟ الله يقويهم ما عم يقصروا”

اليوم الثالث:
”ضب اللي ممكن ينسرق من بيتك بسرعة ، دبرتلك سوزوكي”

اليوم الرابع إلى الخامس عشر:
كأس شاي شبه أسود ، و “سنرجع يوماً إلى حينا”

لا أذكر تاريخ اليوم … أول زيارة للبيت:
”دير بالك .. قد ينهار الجدار لأي حركة غلط”

اليوم التالي: => اليوم الأول
”أديش الأجارات عندكم؟” .. “ليك لا تجي من شارع المقبرة ، لف من عند محل الفروج في قناصة هنيك” … “حرقولنا بيتنا” .. “الله لا يقيمه ، طلع منن” .. “لقوها مقتولة ومرمية عالطريق” .. “ما رجع لهلق ، يمكن خلص أهله ماعاد متأملين بجيته”

مصالحة زمنية
– ”لعمى عالبلا ، مبارح حطولنا بأول الحارة حاجز”

– “أي”

– “شو أي؟؟ حاجز وعساكر وكياس وعم يقلي أبو أسامة انه الحواجز اللي نصبوها عندهن معها (دبابات/ طوشكا) ، عندكن هيك شي؟”

– “يمكن”

– “شو يمكن؟ في ولا ما في؟”

– “بآخر العام الدراسي، مو هاد اللي قبله ، لأقدر فوت الولاد عالبيت من الطريق ، عملولي تغطية نيران ومرقوني تحت الرصاص ونحن مقرفصين وعم نركض .. الحواجز هون عملولها تواليتات ومنامة ، واحد منن حكالي انه استأجر لعروسته قبو حد الحاجز رغم انه اغلى صار من الملاحق.. ما حدا عم يرغب فيا .. بتعرف ”

مسخ طبوغرافي بين رجل دين وسياسي

– “كل الأقوام الفاسقين بقصص القرآن الله عاقبهن ، اللي مسخهن قردة وخنازير واللي ارسل عليهم وباء واللي مسح جناتهم واللي ارسل لهم جبريل قلب مدينتهم عاليها واطيها .. هلق هي العقوبات كلها مجازية”

– “كيف يعني؟”

– “عندهم تردد الـ (محطة اخبارية) الجديد؟ اندهله يحط عليا لقلك”

– “انتو حطب هذا الجحيم .. اي والله”

– “لا تكفر .. ! انتو دخانه”

– “الجحيم ماله دخان”

– “بيتك بيطل عالسبينة؟”

– “شو هي السبينة؟”

(دخل إعلامي في اللحظة)

– “حاسبونا، بدنا نسكر المحل بعد اذنكم ، بنعتذر”

الهويات يا شباب

حواجز

سبتمبر 27, 2012

حر شديد واتساخ النظارات لا ينفع معه شيء

الكسوة

ضع يدك على فمي لتنهي حديثاً لم يعجبك ، إن فعلت فأنا المنتصر وأنت: اسقطت وزن سخريتك مما قلتُه ، كلامي ذو أهمية وتأثير والثالث والأهم : أنت تعجز عن الرد لذلك فعلت.

لن نقف هنا فسأعود لحديثي وستعود لردك ، هي وقفة أعلن فيها انتصاراً جزئياً عليك

جسر صحنايا

هناك قنابل ذكية ، تكنولوجيا ذكية ، جوامد ذكية  وأيضاً جريمة ذكية، والحديث ليس عن تلك آنية الفعل بل عن أخرى يخطط فاعلها لها وينجح ، يعرف جحيماً ينتظره جراء فعلته ويعرف حتمية إلقاء تبعاتها به فيه ، لكنه يقدم عليها رغم ذلك وينجح ويأتي الحساب فيرمى به، ويُنسى من دفعه بداية لارتكاب الجريمة ولا أعني المحرض فمحرض جريمة ذكية ذاتي المنشأ، أتحدث عن نسيان صانع المجرم بداخله ، هو أكبر من أن يحاسب أو يلام، مستتر ومرفّع عن المساءلة بحصانة ومكانة يملكهما، وبقانون وضعه هو نفسه يجرم الفاعل بصفحاته وريما المحرض دون الصانع، جريمة ذكية وذكاؤها أبعد من خطة تنفيذها.

القوس

“أأبدو كشخص بخطط ؟ أتعلم ما أنا؟ كلب يطارد سيارات عابرة نابحاً، لا أدري ما أفعل بإحداها إن أدركتها ، أنا أفعل ما أفعله فقط”

هي الغريزة، كلب يلهث بزيغِ في عينيه على طرف طريق ضيق تحمل الصدفة إليه سيارة تعبر غرباً أو شرقاً، يهرول خلفها يمنة تارة ويسرة تارة أخرى زارعاً بضعة عشرات من الامتار جيئة وذهاباً ، يتوقف في كل هرولة عند حد تعبه ليعاود الهرولة بالاتجاه المعاكس ويتوقف من جديد ، كسجين يرفض حبساً، فيصدم جدرانه المتقابلة صارخاً بفقده، طارقاً على صم حجارتها بقبضتيه .. كلب كرأس السجين لا يوجد ما يقيده على ذاك الدرب.

الساحة

– “مين رامي؟”

– “أنا”

– “شو يا رامي .. ما اشتقت لحمص؟”

– “…”

أعاد لي هويتي واشار للسائق بالانطلاق.

كل ما هو حي وجامد ، كل من وما تشكّل المادة تفاصيله موجود ليكون عبداً لما يؤمن به ، وإن حيدنا الجوامد وربما الأحياء الدنيا من نبات وحيوان وصعدنا للاعلى وفكرنا بالبشر كبشر، نحن أيضاً عبيد لما نؤمن به، نجعله مركزاً تدور كل دقائق ولهاث وجهد حياتنا حوله، ان ثبت التهمنا الروتين وان تحرك تحركنا معه ، صعوداً هبوطاً .. يمنة ويسرة ، لا نتوقف عند كوننا مفعولين بهذا الإيمان بل فاعلين ، ننثر مفاهيمه في كل ارض ندوسها، ويبدو علينا أكثر من صورنا التي تطبع في عيون وداخل كل من يرى.
لانرى انعكاسه في عيون الآخرين ولا نفكر فيه ، وعندما نذهب بإيماننا بعيداً يضحي كل “الآخر” رهناً بما يمليه إيماننا علينا وبمفردات قواعد ارتباطنا به: نتقرب منه ، نكرهه ،  نقتله ، نحرقه ، نآخيه.
لا تزعج نفسك بالتفكير بأثر ايمانك عنده ، لا يمكن لإيمانك أن يخطئ وتفاعلك مع الآخرين من خلاله حتمي النتيجة وتصب في تغذية المرتبة الإيمانية خاصتك.

“نزلني هون بدي جيب قداحة شنيون، الهوى صاير قوي”

صفعة .. زجرة ودفع

أكتوبر 14, 2011

images

مشهد 1

أب يقف على واجهة محل مع ابنته (3 سنوات) ، وبينما هو مشغول بما عليها تمشي الصغيرة لتنزل عن الرصيف ، وفي الوقت الذي تبدأ مسيرها بالشارع تتوقف سيارة بشكل زاوي لتمنع اذيتها وتزمر لابيها الذي يهرول للطريق ويعيدها للرصيف ويبدأ بصفعها على مؤخرتها

مشهد 2

بالسرفيس وبعد دخول سيدة و3 أطفال وجلوسهم بالمقعد الخلفي تناول السيدة من أمامها نقود وتخبره بقطع 3 مقاعد ، يبادرها أحد أطفالها (4-5 سنوات) بالقول بصوت عال: “ولكننا 4” .. تزجره الأم بذات الصوت العالي

مشهد 3

بحادث منفصل آخر ، رجل وزوجته وابنته ( 6 سنوات) على باب سرفس ، تدخل الطفلة للسرفيس وتحتار في اختيار مقعد الجلوس، يتبعها الأب بالدخول ليحل المسألة بدفعها من كتفيها بقوة إلى البروز الدائري في ممر السرفيس لتجلس عليه.

مشاهدات جرت حقيقة ، تدير الكثير من الأفكار ، صمتي أمامها ، وجوه الأطفال فيها ، وربما آباء كهولاء يقتلون براءة ويخمدون جذوة ذكاء ويكسرون رقة بعنفهم أو بتصرف وربما قول همجي سمج.

ليست مجرد تدوينة، هي دعوة لنبذ العنف اللفظي والروحي قبل الجسدي تجاه الأطفال، كنت قد كتبتها منذ فترة طويلة ورغبت في حفظها حتى يأتي أوانها ، ويبدو أن أوانها حان، ففي الأيام الماضية انتشرت رسالة بريدية بعنوان فن العقاب للاطفال من سن 2 الى 12 سنة بدون عنف”تتحدث عن وسائل مثل :قرص الأذن ، مدح الغير أمام الطفل ، التهديد ، والأخطر : الضرب. لا أفهم عن أي فن وأي تربية نتحدث باستخدام أدوات مثل هذه. سأتناول ماورد فيها لاحقاً بشيء من التفصيل

منحدر

سبتمبر 22, 2011

 

hand-in-hand

بتتذكري وقت حفروا الحارة وصارت الشوارع إما تلال تراب أو حفر عميقة؟ وقتها لنوصل للمدرسة كنا نطلع على تلة منن وننزل ع مهل مشان ما نقع ، وكنت أمسك أيدك ، إذا انزلق التراب تحتك شدك لفوق واذ انزلق تحتي تشديني.

ليش عم يفكوا أيديهن براس التل وليش عم يدفعوا بعض لما ينزلق التراب تحت أرجلهم اليوم؟

الفصل السابع

سبتمبر 17, 2011

– في واحد عنا بالشركة بتمنى فعلاً أنه يتزوج

– ليش؟

– لأنه كثير حكي، ما بيفوت لسانه ع تمه ، ثرثار كبير

– وبس يتزوج بيصير قليل حكي .. أي أي ، كتاب الأزواج تأليف رامي الشيخ الفصل 13

– كتاب الأزواج تبعي كله تحت “الفصل السابع”

تشويش

جويلية 10, 2011

 

white-noise

أستحضر صورة من الذاكرة لشاشة تحمل نقاط بيضاء وسوداء تملأها معلنة اللاشيء ، المسألة بسيطة ، لايوجد ما يقدم الآن ، انتهى أوانه أو يمكننا القول أيضاً أغلق المرسِل الباب أمام أي صورة يمكن أن تفهم، وبقي لنا أن نتخيل شكلاً تجمعه هذه النقاط البيضاء والسوداء الراقصة في إطار الشاشة، يظهر ويختفي بلمحة طرف.
هل نستطيع تحميل (هذا اللاشيء) معنى اسمه المتداول؟ أقصد "تشويش"؟ التشويش كما أفهمه هو حمل واستقبال أفكار تملأنا ، عصية على ترتيبها لغزارتها وسرعة ايقاع نقلها، أو لسوء استقبالها وربما طبيعة بعضها المشوهة، تجتمع في رأس واحد فتخنق روحاً وتغلق كياناً ، امتلاء يخلق تراكماً يستحيل ليصبح "لاشيء".

كمستقبِل مشوش وككائن وسيط يقع بين عوالم وعوالم أخرى: أنت مشوش.. ماتبدو عليه أو حتى مايبدو عليك أمر واحد .. تشويش ، لا شيء
يستطيع البعض إن تأملوا ما تأتي به أن يلمحوا صورة ما تلبث أن تظهر حتى تختفي أيضاً ، لن تكون حقيقية، لن تكون منك ، مجرد إسقاط لنقاط بيضاء وسوداء في عقولهم.
قد يتوقف أحدهم عن المتابعة ليسأل :
– شبك؟
– ولاشي
تماماً "ولاشي" و"كل شي"

لو بدأ الارسال لما سألت

يا راعي .. القصب مجروح *

جوان 9, 2011

kkh

أنزلني السرفيس في ساحة التراب والضجيج والدخان، فألجأني نظري حيث شدني ما تبقى في ذاكرتي فأخطو رحلتنا اليومية في درب ماض ومشيت

"لا، لا تدخل اليوم للمدرسة ، اذهب للحي الخلفي هناك تتجمع شعبتنا"

أضحكني ما جال بي ومضيت حيث النخلات الأربع وعادت رائحة الدخان معها ، اتصدق أن الورق اليابس مازال يغطي إحداها وأظنه مذ كنا.

دخلت الزقاق مقابل دار الايتام حيث المصور العجوز وأحسست بغربة المنازل حتى أن آخر ذاك الزقاق والمؤدي إلى اختناقة المدرسة كان مسخاً من رخام حديث ولِبن متهالك على جوانبه، تهت حيث مشيت لظهور طفرات جديدة سدت توجهي إلى أن وصلت لزين العابدين التونسي و المقام القديم بجانبه ، وعاد لي سؤالكم عن اختيار المدير لي لإرسال مغلف لتلك الثانوية.

"- ماذا فعلت، ألم تتكلم لإحداهن

بدأت الذاكرة تعود من جديد مع الطريق العريض وجدار المقبرة الطويل الذي ينتهي بتلك المؤسسة المهجورة ودرجها الصدئ الذي يكشف شواهد المقبرة

أتذكر مساءات الخميس حيث كنا نقف ونحاول تركيب قصة لكل شخص نراه هناك يقف عند أحدها؟

تركت الدرج واتجهت بعد الجادة الصغيرة إلى حيث كادت ذاكرتي تنضب مني على أبواب التوحيدي فهربت منها الى الكشك الصغير حيث كنا نداور لاوقات بينه وبين محل الكيلاني، ونحاول إيجاد ما سيكون مقتنانا التالي من المعروض، ومما كنت تسخر من اشاراتي لبعضها

دخلت زقاق حي خالد هواري ومررت من جانب ذاك البيت الذي تغطيه شجرة الكباد القديمة وحديقة الملجأ التي لازالت كما كانت ، وخرجت منها إلى شارع الأشمر حيث المؤسسة وحيث كان يبدأ شجارنا، أنسلك يسارها أم يمينها ولكني ولغيابك اتخذت اتجاهي علي أعوض ما فزت به من مرات باقناعي الذهاب اتجاهك.

قطعت الطريق ومررت بجانب منزل الصبية السمراء التي كنت أمر بها كل يوم انتهاء بحديقة الحقلة حيث كنا نفترق لأكثر من سنين ثلاث.

وهناك وقفت، ونظرت حيث كنت تذهب باتجاه بيتك فاذهب لأكمل ما تبقى لي من طريق إلى بيتي.

أشعلت هذه الرحلة القصيرة آلاف الصور في ذاكرتي مما جعلني لثانية أو اثنتين أضحك، حتى أتت تلك القطعة وصفعتني.

"طمئنونا عنكم .. عنواننا المخيم التسعون"

عندها ارتجف كل ما بي وانمحى كل أثر لما يضحك في بالي ووجهي .. كنت تقولها ساخراً .. تركتها تقلب النقائض على بعضها وتلعن ايقاع الوقت بطرقات اصابعنا.

جرح القصب بانتظارك لتنفخ فيه من جديد

رامي


* مهداة لقصي الخطيب

قبطان وطبال ومجدف

ماي 22, 2011

 

vship

وسط اللامكان تقطع ثوب الماء، يرد الصدى صوت إيقاع طبولها .. أزيز صواريها العتيقة وزفير بحارتها.

في مقدمتها وقف قبطان يتأمل سقف السماء القريب برسم رمادي ملبد يكسوها ، ويخبره سره:

“لولا وجودي لما كانت أكثر من قطعة خشبية تقلبها صفحات الموج على غير هدى، مسراها ومرساها فيّ، غايتها غايتي ، يتباعد الموج محنياً عن جناحيها أمام حضوري ويشيح وجهه أمام بريق ما أرتديه من فولاذ، لا معنى لكل ما يفعل هؤلاء الأشقياء دوني ”

تحت صاريها جلس طبال يبادل بمطرقتيه ضرب وجه جلدي شده بعد أن ترهل كما شد حاجبيه ساكباً ما في جوف قلبه على سكون عرقه فوق وجه الطبلة ، مصغياً لصوت يضاهي غضبه شدة يقول له:

“لولا إيقاع مطرقتي لخبت همتهم وضاع ميقات ذواتهم منهم فتخبطوا وابتعد فيهم التيه إلى حيث لا يتمنون، أنا ميزانها ونبضها ولا صوت فيها يعلو صوت هذي المطرقة، حتى ذاك الأبله الواقف خلفي يتأمل الفراغ كقط ملأ بطنه حتى أسكت رأسه ، تضيع هيبته بمجرد توقفي ، صمت هذه الطبلة سيرمي هؤلاء الأشقياء في دوامة همومهم وأحلامهم ، سيقلبهم صمتي ضده الآن أو بعد حين”

على جانبيها اصطف بحارة تصفع مجاديفهم وجه الماء بحركة تفصل عنين أنفاسهم لتبرد عرقاً قد زيّت صدورهم العارية.

تنصّف أصغرهم سناً اليمين بلهاث أعلى وأيدٍ أصغر تديران بباله الفكرة ذاتها :

“لولا قبضتي لكان جثة هامدة تعلو مياه البحر، لا معنى لأمل أو هدف فوق هذا المركب دوننا ، لا فعل فوقه غير فعلنا ، وجودهما وعدمه على ظهره سواء ، نحن روح المركب وبدنه ”

ما زال المركب يسير والشرود يهيم بمن عليه حتى أصمهم عن همسة نسمة تنبئ باقترابه من عين العاصفة

طبيعة

فيفري 19, 2011

bu

دخلت دكانه وحييته ، كان يصلح حذاءاً ببسامير صغيرة يتناولها ويطرقها في اسفله، رفع رأسه مبتسماً ثم أكمل عمله

– “… وما اخبار خليل وسرمد؟”

– “افترقا .. للأسف”

– “لا تأسف”

قالها تاركاً ما بيده ، ثم تابع

“في الطبيعة، نشاهد الفرخ الذي لا يستطيع تجاوز القشرة ، والسلحفاة التي لا تجد سبيلاً للشاطئ فيصيبنا من مرآها الحزن، وننسى الحكمة في ما يجري .. ربما لو تدخل شيء خارج عن الطبيعة في مسيرته لعاش عليلاً، جعله يتجاوز عبثاً اختباراً يحدد أهلية حياته.
نحن كذلك، فالحب يمر باختبارات كثيرة ، أعقدها الفراق ، نحتاج في تجاوزه الكثير من الرصيد في ذواتنا تجاه الآخر، قد ينجو ويصل للشاطئ أو لا، وفي الحالتين ستكون حياته المقدرة جميلة ، قصيرة كانت أم أبدية.

الزهور الميتة لا تسقى يابني، كانت جميلة في حياتها وهي جميلة بجفافها.”

التفت عني وتركني شارداً في متابعة حركة مطرقته وهي تطلب الصمت في محكمة رأسي بانتظار حكم لم تجد بعد سبيلاً له