قبطان وطبال ومجدف

 

vship

وسط اللامكان تقطع ثوب الماء، يرد الصدى صوت إيقاع طبولها .. أزيز صواريها العتيقة وزفير بحارتها.

في مقدمتها وقف قبطان يتأمل سقف السماء القريب برسم رمادي ملبد يكسوها ، ويخبره سره:

“لولا وجودي لما كانت أكثر من قطعة خشبية تقلبها صفحات الموج على غير هدى، مسراها ومرساها فيّ، غايتها غايتي ، يتباعد الموج محنياً عن جناحيها أمام حضوري ويشيح وجهه أمام بريق ما أرتديه من فولاذ، لا معنى لكل ما يفعل هؤلاء الأشقياء دوني ”

تحت صاريها جلس طبال يبادل بمطرقتيه ضرب وجه جلدي شده بعد أن ترهل كما شد حاجبيه ساكباً ما في جوف قلبه على سكون عرقه فوق وجه الطبلة ، مصغياً لصوت يضاهي غضبه شدة يقول له:

“لولا إيقاع مطرقتي لخبت همتهم وضاع ميقات ذواتهم منهم فتخبطوا وابتعد فيهم التيه إلى حيث لا يتمنون، أنا ميزانها ونبضها ولا صوت فيها يعلو صوت هذي المطرقة، حتى ذاك الأبله الواقف خلفي يتأمل الفراغ كقط ملأ بطنه حتى أسكت رأسه ، تضيع هيبته بمجرد توقفي ، صمت هذه الطبلة سيرمي هؤلاء الأشقياء في دوامة همومهم وأحلامهم ، سيقلبهم صمتي ضده الآن أو بعد حين”

على جانبيها اصطف بحارة تصفع مجاديفهم وجه الماء بحركة تفصل عنين أنفاسهم لتبرد عرقاً قد زيّت صدورهم العارية.

تنصّف أصغرهم سناً اليمين بلهاث أعلى وأيدٍ أصغر تديران بباله الفكرة ذاتها :

“لولا قبضتي لكان جثة هامدة تعلو مياه البحر، لا معنى لأمل أو هدف فوق هذا المركب دوننا ، لا فعل فوقه غير فعلنا ، وجودهما وعدمه على ظهره سواء ، نحن روح المركب وبدنه ”

ما زال المركب يسير والشرود يهيم بمن عليه حتى أصمهم عن همسة نسمة تنبئ باقترابه من عين العاصفة

الأوسمة: ,

2 تعليقان to “قبطان وطبال ومجدف”

  1. وسيط الذات الإلكتروني Says:

    مقال مميز بارك الله فيك

  2. لايف كوتش Says:

    موضوع جميل شكرا لك

أضف تعليق